في ليلة رأس السنة، كانت المدينة تتلألأ بالأضواء والزينة، والناس يتدفقون إلى الساحات العامة للاحتفال بالعام الجديد. وسط هذا الجو المليء بالفرح، كانت هناك زاوية مظلمة في أحد الأحياء الهادئة، حيث وقعت جريمة ستقلب حياة الجميع رأسًا على عقب.
في شقة صغيرة تطل على الشارع الرئيسي، كان المحقق سامي جالسًا يحتسي كوبًا من القهوة، يتأمل ملفات القضايا التي أنهكته طوال العام. كان يخطط لقضاء ليلة هادئة بعيدًا عن العمل، لكن هاتفه رن فجأة.
سامي: “ألو؟”
الشرطي عمر: “سيدي، لدينا حالة طارئة. جريمة قتل وقعت في أحد المنازل القريبة من وسط المدينة.”
سامي (بتنهيدة): “في ليلة رأس السنة؟ حسنًا، سأكون هناك خلال عشر دقائق.”
وصل سامي إلى موقع الجريمة، حيث كان المنزل محاطًا بشريط الشرطة. تقدم بخطوات ثابتة نحو الداخل، حيث استقبله الشرطي عمر.
عمر: “الضحية امرأة في الثلاثينيات من عمرها، اسمها مريم. عثر عليها مقتولة في غرفة المعيشة.”
سامي: “هل لدينا أي شهود؟”
عمر: “لا شهود حتى الآن، لكن الجيران سمعوا أصوات شجار قبل الحادثة.”
دخل سامي الغرفة، حيث كانت جثة مريم مستلقية على الأرض. لاحظ على الفور وجود آثار عنف على الجثة، بالإضافة إلى كأس مكسور بجانبها.
سامي (لنفسه): “يبدو أن الأمور لم تكن على ما يرام هنا.”
التفت إلى أحد خبراء الأدلة الجنائية.
سامي: “ما الذي وجدتموه؟”
الخبير: “هناك بصمات على الكأس المكسور، وعلامات جر على السجادة. يبدو أن هناك مقاومة حدثت.”
سامي: “حسنًا، اجمعوا كل الأدلة. أريد تقريرًا مفصلًا بأسرع وقت.”
بينما كان سامي يتفقد المكان، لاحظ دفتر ملاحظات مفتوحًا على الطاولة. اقترب منه وبدأ يقرأ.
سامي: “ما هذا؟ يبدو أنها كانت تكتب عن مشاكلها مع شخص ما. ربما يكون هذا دليلًا مهمًا.”
في هذه الأثناء، دخلت جارة الضحية، السيدة ليلى، وهي ترتجف.
ليلى: “أنا آسفة على الإزعاج، لكنني سمعت صوت شجار قبل الحادثة. اعتقدت أنه مجرد خلاف عادي.”
سامي: “هل رأيتِ أي شخص يدخل أو يخرج من المنزل؟”
ليلى: “نعم، رأيت رجلاً يخرج مسرعًا قبل أن أسمع الصراخ.”
سامي: “هل يمكنك وصفه؟”
ليلى: “كان طويلًا، يرتدي معطفًا أسود وقبعة تخفي وجهه.”
سجل سامي ملاحظاتها وطلب من عمر أن يرافقها إلى مركز الشرطة لتسجيل إفادتها كاملة.
في اليوم التالي، اجتمع سامي وفريقه لتحليل الأدلة. وجدوا بصمات على الكأس المكسور تطابق بصمات رجل يُدعى كمال، وهو صديق سابق للضحية.
عمر: “سيدي، لدينا عنوان كمال. هل نذهب لاستجوابه؟”
سامي: “نعم، تحركوا الآن.”
وصل الفريق إلى شقة كمال وطرقوا الباب. فتح كمال الباب بوجه متوتر.
كمال: “ما الأمر؟ لماذا أنتم هنا؟”
سامي: “كمال، نحن بحاجة للحديث معك بخصوص مريم.”
كمال: “ماذا حدث لها؟ هل هي بخير؟”
سامي: “للأسف، وُجدت مقتولة ليلة أمس. ونريد معرفة مكانك وقت الحادثة.”
كمال (بتلعثم): “كنت… كنت في المنزل. لم أخرج.”
سامي: “لدينا بصماتك في موقع الجريمة. كيف تفسر ذلك؟”
كمال (بتوتر): “كنت هناك قبل يومين لأعيد لها بعض أغراضها. لكنني لم أؤذها.”
سامي: “سنحتاج منك مرافقتنا إلى المركز لاستكمال التحقيق.”
في مركز الشرطة، جلس كمال في غرفة التحقيق، بينما كان سامي يحاول فهم دوافعه.
سامي: “كمال، علاقتك بمريم كانت مضطربة، أليس كذلك؟”
كمال: “نعم، لكنني لم أقتلها. لقد أحببتها، رغم كل الخلافات التي بيننا.”
سامي: “إذا كنت بريئًا، فمن تعتقد أنه قد يفعل ذلك؟”
كمال: “لا أعلم، لكنها كانت تخبرني عن شخص يهددها مؤخرًا. ربما يكون هو.”
بدأت الشكوك تتزايد حول كمال، لكن سامي لم يكن مقتنعًا تمامًا بأنه الجاني. قرر متابعة الخيوط الأخرى.
بعد تحقيقات مكثفة، اكتشف سامي أن مريم كانت تتلقى تهديدات من رجل يعمل معها في الشركة. عندما استجوبوه، اعترف بأنه كان يضايقها لكنه أنكر تمامًا أي صلة بالجريمة.
في النهاية، قادت الأدلة إلى اكتشاف مروع. أظهرت كاميرات المراقبة في المنطقة أن الشخص الذي خرج من منزل مريم كان جارها السابق، نبيل، الذي كانت بينه وبين مريم خلافات مالية.
عندما واجهوا نبيل بالأدلة، انهار واعترف بأنه قتلها بعد شجار حاد حول الديون.
نبيل: “لم أقصد قتلها. كنت غاضبًا فقط. الأمور خرجت عن السيطرة.”
في اليوم التالي، أغلق سامي الملف وهو يشعر بمزيج من الراحة والتعب. كانت ليلة رأس السنة مليئة بالأحداث، لكنه كان سعيدًا بتحقيق العدالة.
سامي (لنفسه): “كل جريمة لها خيوطها، والمهم دائمًا أن نصل إلى الحقيقة.”
أسدل الستار على القضية، لكن تأثيرها بقي في ذاكرة الجميع، لتكون تذكيرًا بأن وراء كل احتفال هادئ، قد تختبئ أسرار مظلمة.