قصة “الطابق الأعلى”
الفصل الأول: البداية
في أحد الأبنية القديمة في وسط المدينة، كان هناك زوجان شابان يُدعيان أحمد ونور. كانا يعيشان في الطابق الأخير من المبنى، حيث تطل شرفتهما الصغيرة على شارع ضيق مليء بالمحالّ والبنايات العتيقة. ورغم قِدَم البناية، كانا قد أحباها لما تتمتع به من طابع كلاسيكي وجمال خاص.
- نور (بتذمر): أحمد، ألم تلاحظ أن هذه البناية تصدر أصواتًا غريبة بالليل؟
- أحمد (مبتسمًا): نور، هذه بناية قديمة، الخشب يتقلص ويتمدد، والجدران تتنفس، لا شيء يدعو للقلق.
لكن نور لم تكن مقتنعة تمامًا. ففي الليالي الأخيرة، كانت تسمع أصوات خطوات فوقهما رغم أنهما يعيشان في الطابق الأخير، ولا يوجد طابق آخر بالأعلى.
- نور (بقلق): أحمد، أنا متأكدة أن هناك أحدًا فوقنا. البارحة سمعت صوتًا مثل جر الكراسي!
- أحمد (ساخرًا): ربما الأشباح يخططون لحفلة.
ضحك أحمد، ولكن نور لم تبتسم. كان شيء ما يجعلها تشعر بعدم الارتياح.
الفصل الثاني: الصوت يتكرر
في إحدى الليالي الهادئة، وبينما كان أحمد يغط في نوم عميق، استيقظت نور على صوت حاد كأنه طرق متواصل. مدت يدها لتوقظه.
- نور (وهي تهزه): أحمد! أحمد! استيقظ!
- أحمد (مغمغمًا): ما الأمر؟ الساعة الثالثة!
- نور (بصوت خافت): استمع…
جلس أحمد في السرير، وهو يصغي. وبالفعل، كان هناك صوت طرق، كأنه يأتي من السقف. كان الصوت غريبًا ومُقلقًا.
- أحمد (بدهشة): ربما هناك شيء على السطح؟
- نور (بانفعال): لكننا على الطابق الأخير، وليس هناك سطح بالأعلى!
صمت أحمد. كان يعلم أن كلام نور صحيح. بدأ القلق يتسلل إليه أيضًا، ولكنه لم يُرِد أن يظهر ذلك.
الفصل الثالث: البحث عن السبب
في صباح اليوم التالي، قرر أحمد التحدث مع البواب، عم حسن، الذي كان يعمل في البناية منذ سنوات طويلة.
- أحمد (مبتسمًا): صباح الخير يا عم حسن.
- عم حسن (بوجه متجهم): صباح النور، خير؟ تبدو قلقًا.
- أحمد: بصراحة، نحن نسمع أصواتًا غريبة فوقنا بالليل. هل تعرف شيئًا عن ذلك؟
- عم حسن (بتردد): فوقكم؟ لكن لا يوجد شيء فوقكم سوى سطح البناية، وهو مغلق منذ سنوات.
شعر أحمد بشيء غريب في طريقة حديث عم حسن، كأنه يعرف شيئًا ولكنه لا يريد البوح به.
- أحمد (بحزم): عم حسن، لو هناك شيء يجب أن أعرفه، أرجوك أخبرني. نحن نعيش هناك، ونحتاج أن نفهم ما يجري.
- عم حسن (بتنهيدة): حسنًا… هناك قصة قديمة عن هذا المكان، لكني لا أحب الحديث عنها.
الفصل الرابع: القصة القديمة
جلس عم حسن مع أحمد في زاوية البناية، وبدأ يحكي القصة.
- عم حسن: قبل حوالي 30 سنة، كان هناك عائلة تعيش في الطابق الأخير، مثلما أنتم الآن. الأب، الأم، وطفلهما الوحيد. ولكن في يوم من الأيام، حدثت مأساة. الطفل كان يلعب على السطح وسقط. مات على الفور.
- أحمد (مصدومًا): يا إلهي!
- عم حسن (بصوت منخفض): بعد ذلك، بدأت العائلة تسمع أصوات خطوات على السطح، كأن الطفل عاد يلعب هناك. وفي النهاية، غادروا المكان ولم يعودوا أبدًا.
شعر أحمد بالقشعريرة. ولكن رغم القصة، قرر أن يُبقي الأمر سرًا عن نور حتى لا يزيد من قلقها.
الفصل الخامس: المواجهة
في تلك الليلة، بينما كان أحمد ونور يشاهدان فيلمًا في الصالة، انقطعت الكهرباء فجأة.
- نور (بذعر): أحمد، ما الذي يحدث؟
- أحمد (محاولًا التماسك): لا تقلقي، ربما عطل في البناية. سأتحقق.
لكن قبل أن يتمكن أحمد من التحرك، جاء صوت ضحكة طفولية خافتة من الأعلى. تجمد الاثنان في مكانهما.
- نور (مرتجفة): هل سمعت ذلك؟
- أحمد (بصوت مبحوح): نعم…
أمسك أحمد بيد نور، وقررا الصعود إلى السطح معًا. كان الباب المؤدي إلى السطح مغلقًا بالسلاسل، ولكن الغريب أنه كان مفتوحًا تلك الليلة.
الفصل السادس: السطح
عندما صعدا إلى السطح، وجداه مهجورًا ومغبرًا. ولكن وسط الظلام، لاحظا شيئًا يتحرك في الزاوية.
- نور (تتمسك بذراع أحمد): أحمد، أنا خائفة!
- أحمد (وهو يحاول التماسك): لا تخافي، سأتحقق.
اقترب أحمد بحذر، ولكنه لم يجد سوى كرة صغيرة قديمة، كأنها كرة طفل. شعر أحمد بالحيرة، ولكن قبل أن يتمكن من التفكير، أغلق باب السطح بقوة خلفهما.
- نور (تصرخ): الباب!
الفصل السابع: الحقيقة تنكشف
حاولا فتح الباب دون جدوى. وفجأة، ظهر أمامهما ظل لطفل صغير. لم يكن مخيفًا بقدر ما كان حزينًا.
- الطفل (بصوت خافت): أين أمي وأبي؟
تجمد أحمد ونور في مكانهما. أدركا أن هذا هو روح الطفل الذي حدثت معه المأساة.
- أحمد (بهدوء): نحن لا نعرف أين هما، لكن يمكننا مساعدتك.
ابتسم الطفل قليلًا، ثم اختفى تدريجيًا. وعاد الباب لينفتح من تلقاء نفسه.
الفصل الأخير: السلام
في اليوم التالي، قرر أحمد ونور مغادرة البناية. ولكن قبل أن يرحلا، وضعا باقة من الزهور على السطح، كنوع من التكريم للطفل.
- نور: ربما الآن سيجد السلام.
- أحمد: وربما نحن أيضًا.
وغادرا البناية القديمة، تاركين وراءهما ذكريات غريبة، وقصة لن تُنسى.