الحجرة المقفولة
في ليلة مظلمة عاصفة، حيث كانت الرياح تعصف بين أغصان الأشجار، وقطرات المطر تتساقط بغزارة، قرر سامي أخيرًا استكشاف الحجرة المقفولة في منزل جده القديم. كان هذا المنزل المهجور مصدرًا للقصص والأساطير في عائلته، وكانت الحجرة بالتحديد محط الفضول والخوف لسنوات طويلة. الجميع حذر سامي من الاقتراب منها، لكن فضوله لم يستطع التحمل أكثر.
سامي (بصوت منخفض وهو يقف أمام الباب المغلق): “مجرد باب عادي… ما المشكلة؟ لماذا كانوا دائمًا يحذرونني؟ هل أخاف من باب؟” (ثم يضحك بخفة، لكنه يشعر ببرودة غريبة تسري في عموده الفقري).
قام بتمرير يده على المقبض الصدئ. كان بارداً كالجليد، وكأنه لم يُمسّ منذ عقود. دفع الباب بلطف، لكنه لم يتحرك. بدا وكأنه مغلق من الداخل.
سامي (متحدثًا لنفسه): “آه، ربما المفتاح في مكتبة جدي. كان يحب إخفاء الأشياء المهمة هناك.” (توجه نحو المكتبة، وهو يضيء المصباح اليدوي).
دخل سامي المكتبة، حيث كانت رفوف الكتب تمتلئ بالغبار، وأوراق قديمة متناثرة على الأرض. أمسك بمفكرة صغيرة، وبدأ في تقليب الصفحات.
سامي (وهو يقرأ بصوت مرتجف):
“لا تفتح الباب، مهما حدث.
لا تنظر داخل الغرفة.
إنها ليست لك، وليست لنا.
اتركها وشأنها.”
سامي (ضاحكًا بسخرية): “حقًا؟! جدي كان يحب كتابة هذه الأمور المريبة… لكني سأجد المفتاح.” (بحثه يستمر حتى يجد مفتاحًا قديمًا صغيرًا موضوعًا داخل صندوق خشبي صغير.)
عاد سامي إلى الحجرة، وقلبه ينبض بسرعة. أدخل المفتاح في القفل، وسمع صوت “طقطقة” مدوية كأنما كانت الغرفة تتنفس أخيرًا بعد سنوات من الصمت. دفع الباب ببطء، وانفتح ليكشف عن غرفة مظلمة تمامًا، ورائحة قديمة كريهة خرجت منها.
سامي (يتمتم): “مجرد غرفة مهجورة… لا شيء غريب هنا.” (دخل بخطوات حذرة، يضيء بمصباحه اليدوي أركان الحجرة.)
داخل الغرفة، كانت الجدران مغطاة برسومات غريبة، أشكال هندسية وأرقام متناثرة بلا ترتيب. في الزاوية، كانت هناك مرآة كبيرة قديمة مغطاة بقطعة قماش سوداء. على الطاولة الخشبية، كانت هناك شموع ذائبة وكتاب مفتوح.
سامي (وهو يقترب من المرآة): “ما الذي يجعلهم يخافون من هذه الحجرة؟” (يمد يده ليرفع القماش عن المرآة، لكن فجأة يسمع صوت همس.)
صوت غامض (همس خافت): “لا تلمسها… ستندم.”
توقف سامي فجأة، قلبه يكاد يتوقف من الخوف. نظر حوله، لكن الغرفة كانت فارغة.
سامي (بصوت مرتعش): “من هناك؟! من يتحدث؟!” (لكن لا أحد يرد.)
قرر تجاهل الصوت، ورفع القماش عن المرآة. عندما نظر إليها، لم يرَ انعكاسه… بل رأى رجلاً يرتدي ملابس سوداء تمامًا، ويحدق به بعينين فارغتين.
سامي (يصرخ): “ما هذا؟!” (يرجع للخلف بسرعة، ويسقط على الأرض.)
الصوت الغامض (بصوت أعلى الآن): “لقد حذرتك… الآن أنت مُلكنا.”
بدأت الجدران تهتز، والأشكال المرسومة عليها بدأت تتحرك كأنها كائنات حية. ظهرت أيدٍ سوداء تخرج من المرآة، وتمتد نحو سامي.
سامي (يحاول الهرب): “لا! لا! هذا ليس حقيقيًا! هذا مجرد حلم!” (يركض نحو الباب، لكنه يغلق بقوة أمامه.)
الصوت الغامض: “لا أحد يغادر… بعد أن رأى الحقيقة.”
بدأت الحجرة تغمرها الظلام تدريجيًا، وظهر ظل كبير خلف سامي. عندما استدار، رأى كيانًا ضخمًا بوجه مشوه يقترب منه.
سامي (يصرخ بشدة): “ابتعد عني! ماذا تريد؟!”
الكيان (بصوت غليظ): “أنت الآن جزء منّا… كما كان جَدّك.”
اختفى صوت سامي في ظلام الغرفة، ومع حلول الصباح، كان المنزل هادئًا كأن شيئًا لم يكن. الباب عاد ليُغلق بإحكام، وكأن سامي لم يكن هناك أبدًا.
بعد أسابيع، جاء أحد أصدقاء سامي للبحث عنه، لكن كل ما وجد هو المفكرة على الطاولة في المكتبة. فتحها، ووجد آخر كلمات كتبها سامي:
“لا تفتح الحجرة المقفولة… لا ترفع القماش عن المرآة… إنها لعنة لا مفر منها.”